تعريف الذاكرة:
الذاكرة لغة: يقال ذّكَرَ ذِكْرا وذُكْرا وذِكْرى وتًذْكارا أي حفظه واستحضره وتذكره وجرى على لسانه بعد نسيانه، والذاكرة يمكن تعريفها ايضا بهي قدرة النفس على الاحتفاظ بالتجارب السابقة واستعادتها.
أما عند الحديث عن الذاكرة في الأبحاث العلمية المتخصصة فهناك مصطلحات مثل قوة الذاكرة وضعف الذاكرة وكذلك مصطلح التذكر الذي يأتي ذكره كثيرا في البحوث التي تلقي الضوء على موضوع الذاكة وبادئ ذي بدء نود أن نفرق بين الذاكرة والتذكر فنقول:
تعريف الذاكرة:
هناك تعريفات عديدة ذكرها علماء النفس للذاكرة وهذه التعريفات تتشابه أو تختلف على حسب وجهة نظر الباحث أو العالم ولعل اشمل تعريف وقفت عليه.
الذاكرة: هي جزء من العقل موجود لدى كافة الكائنات الحية وبالنسبة للإنسان فهي المستودع لكل الانطباعات والتجارب التي اكتسبها الانسان عن طريق العلم الخارجي أو عن طريق الحواس وهي انطباعات توجد عن طريق العلم الخارجي أو عن طريق الحواس وهي في الغالب انطباعات توجد على شكل صور ذهنية مرتبط معها مشاعر وأحاسيس سواء كانت سارة أو غير سارة.
ومن هذا التعريف نستنتج أن الذاكرة ما هي إلا وعاء أو صندوق تقوم بتخزين كل ما يقابل الإنسان من الخبرات والتجاب والتفاعلات مع العالم الخارجي.
قدرة التخزين لدى الذاكرة:
اكتشف عالم من جامعة كاليفورنيا وهو العالم مارك روزنزنويج بعد بحث طويل ان طاقة التخزين لدى الانسان هائلة جدا حيث أنه اذا تم تغذيه المخ بمعلومات جديدة تقدر بعشر معلومات في كل ثانية ولمدة ستين سنة بدون توقف من ليل أو نهار فان مقدار ما ت تغذيته في مخ الانسان من هذه المعلومات يعادل اقل من نصف المساحة لتخزين المعلومات فيه. فسبحان الله أحسن الخالقين.
أما التذكر:
تذكر الشئ لغة أي استخضره في ذهنه وهو قدرة الفرد على استدعاء المعلومات المخزنة في الذاكرة مسبقا.
والتذكر ضد النسيان: ويعتبر التذكر والنسيان وجهين لوظيفة واحدة فالتذكر هو الخبرة السابقة مع قدرة الشخص في لحظته الراهنة على استخدامها. أما النسيان هو عجز الشخص في اللحظة الراهنة عن استعادة الخبرة السابقة واسترجاعها واستخدامها
مؤثرات التذكر:
لا يحدث التذكر، في اغلب الأحوال، إلا في حالة وجود مؤثر يستثيره. ولهذا السبب يعرف العلماء التذكر على أنه "استجابة مكتسبة لمؤثر سابق لها".
وما يثير التذكر من مؤثرات كثيرة، ويمكن تقسيمها إلى:
1- المعنى الإجمالي:
وهذا عادة ما يحدث في الامتحانات كثيرا، حينما يطلب الممتحن حقيقة من الحقائق وتوضيحها، أو تفصيل موضوع بعينه.
2- الألفاظ والأسماء:
وهذا يحدث في كل لحظة من لحظات الحياة فإذا سمع شخص ما إسم شخص آخر ، كأخيه على سبيل المثال، فإنه سرعان ما يتذكر شكل أخيه ويتمثل له، وهيئته، ورائحته، وطريقة كلامه. بل، يسترجع المتذكر، في بعض الحالات، كل ما يتعلق بهذا الشخص؛ مثل من هم أصدقائه، وما هي أحب الأماكن التي اعتاد التردد عليها، وما الى ذلك.
وأيضا يكفي أن نسمع اسم أحد الدول، فنتخيل موقعها الجغرافي على الخريطة، وباقي معلوماتها من اسم حاكمها، وأهم الأماكن بها، ومدنها بالأسماء... الخ.
3- المعنى الجزئي:
من أكثر الصعوبات في التذكر هي إكتشاف أول حلقة من سلسلة الحقائق التي يحتاج الشخص ان يتذكرها.
فمثلا تذكر آية قرآنية، تمكن الحافظ من استدعاء هذا الجزء، بسهولة ويسر.
4- تداعي المعاني:
ليس من الضروري أن تستدعي لفظة ما ونعي معناها المباشر أو حتى القريب منها، بل أحيانا ما تقوم باستدعاء بعض المعاني المقتضاة أو اللازمة، أو التابعة لمعنى تلك اللفظة الأصلي. فمثلا إذا سمع انسان لفظة "رمضان"، فليس من الضروري أن يستدعي بشكل مباشر المعنى المقابل لهذه اللفظة، وهو الشهر الهجري الذي يأتي بعد شعبان، وفرض على المسلمين فيه الصوم في نهاره. بل قد تشير تلك اللفظة في الذهن معاني أخرى لازمة، وتنتج غالبا نتيجة لخبرة سابقة ذاتية خاصة؛ مثل تذكر الصوم ومشقته والإفطار وفرحته، وصلاة التراويح ومتعتها، وتذكر أكلات ذات طابع خاص، ونحو ذلك.
5- الارتباط الزماني والمكاني:
يعد الارتباط الزماني أو المكاني مؤثرا طبيعيا قويا في كير من حالات التذكر. ويعتمد رجال التحقيق الجنائي، على هذا المؤثر أو القرينة، لتذكير الشهود بأحداث واقعة من الوقائع، بعد انقضاء زمن ما عليها، فيصطحبونهم إلى مكان الحادث، في نفس وقت وقوعه، لتعرض عليهم ما ارتبط بالجريمة من أدوات، فيساعدهم على استرجاع وقائعها وتفاصيل حوادثها بشكل دقيق. ويكفي أن يذهب الشخص في زيارة قبر شخص عزيز عليها، فتتدافع الذكريات، ويتذكر الانسان هذا الشخص، وكثيرا من أحواله.
6- مجموعة من المؤثرات:
ليس ضروريا أن يكون هناك مؤثر يجعلنا نتذكر واقعة ما بعينها، بل إن التفكير فيما سبق حفظه وحده كاف في بعض الامور او الاوقات، للتذكر. فعلى سبيل المثال، يكفي أن نفكر في شخص قابلناه صباحا، فنتذكر اسمه. ويكفي كذلك ان نتذكر تاريخ اليوم وذلك بالتفكير فيه.
وقد تساعد بعض المجموعة من المؤثرات فتدفعنا لتذكر واقعة بعينها. مثلا، إذا قدم شخص لشخص كصديقا ويكون ذلك للمرة الأولى. فإن اسم هذا الشخص الجديد سوف يرتبط بجملة روابط مختلفة، منها: شخص ذلك الصديق، ومكان التعارف، وصوة الشخص بحد ذاته، وكذل زيه، بل وأسلوبه في الحديث والكلام، ويصل الى موضوع الحديث الذي دار وقتها. وكل رابطة من هذه الروابط تصلح لأن تكون مؤثرا، لتكثر واقعة مقابلة الصديق.
عوائق التذكر:
وقد حدد العلماء عددا من العوامل، التي قد تحول بين الشخص وبين تذكره لحقيقة ما، أطلق عليها العلماء مصطلح "عوائق التذكر"، وقسموها لأنواع عدة، نستعرض أهمها كالآتي:
1- الحالة الانفعالية:
الانفعال حالة اضطرابية خاصة، تؤثر في وظائف الشخص الجسمية، كما يمكن ان تؤثر في تفكيره. فتحت وطأة تأثير انفعال ما، كالغضب، أو الشعور بالخوف يعجز الشخص عن تذكر كثير من الحقائق، حتى أبسط الأسماء وأعمها استعمالا واثرها شيوعا او اعتياد. وقد وجد أن الاحساس بالحيرة، والارتباك، والشعور بالقلق الذي يساور الطالب، أثناء الامتحان، يفقده كثيرا من معرفته السابقة.
2- الشعور الذاتي:
يكون عبارة عن إحساس الفرد الزائد والمفرط بشخصه ووجوده ليصبح أحيانا، عائقا له يمنعه من التذكر، ويحدث هذا عادة إذا وجد في وسطه، من يحسب له حسابه. لذا نجد ان الخطباء ذوو الحيثية الكبيرة اكثر عرضة لنسيان خطبتهم او مادتهم، أو الاصابة بالتلعثم في النطق، مما يؤدي بدوره لعاملا جديدا يفقدهم الثقة بأنفسهم، الأمر الذي يترتب عنه زيادة في اضطرابهم واحساسهم بالتخبط.
3- تشتيت الانتباه:
في حال انتباه الشخص لم يكن مركزا في الموضوع الذي يرغب في تذكره، فإن هذا يتحول الى عائقا عن التذكر السليم والصحيح.
ويمكن تفسير ذلك أن المؤثر لا يعمل في كامل قوته. يظهر ذلك جليا في التردد، أثناء الحديث في النطق وكذلك يظهر في اثناء الكتابة، وذلك بسبب التشتت في اتجاهات عدة يعمل على اجتذاب المؤثر الضعيف، فيتعذر على الشخص استرجاع المعلومة، إلا إذا بذل مجهودا خاصا لحصر انتباهه.
تيسير عملية التذكر:
ولتيسير عملية التذكر، لخص العلماء بعض الإرشادات منها:
1- يجب أن يمنح الشخص للمؤثر فرصة كافية، لكي يتمكن من ان يستثير جميع الاحتمالات المرتبطة به. ولذلك ينبغي على المرء أن يعطي نفسه بعض لحظات للتدبر والتفكر، واسترجاع كافي للمعلومات المطلوبة.
2- تأكيد الثقة بالنفس، فلا يدع الخطيب مثلا الفرصة لغيره لنقد رأيه، أثناء الكلام، ما لم يكن قادرا على رد الحجة بالحجة.
3- القضاء على ل انفعال نفسي، كالغضب، أو القلق، أو الخوف، أو اليأس، أو الفتور.
4- محاولة تذكر الطرف الزماني أو المكاني، الذي جرت فيه الحادثة، المراد تذكرها.
5- ترك الموضوع جانبا بعض الوقت، والرجوع إليه من جديد، لقتل الملل، وقطع الرتابة.
أنواع الذاكرة:
ذكر الباحثون تقسيمات عديدة للذاكرة وكل هذه التقسيمات تختلف باختلاف الضوابط التي تحكمها:
وأشهرها هو تقسيم الذاكرة إلى نوعين:
1- ذاكرة قصيرة المدى.
2- ذاكرة طويلة المدى.
* الذاكرة قصيرة المدى:
هي التي تقوم بتحزين المعلومات لفترة زمنية قصيرة ثم تختفي وتنحذف من الذاكرة ولذلك هناك من يطلق عليها "الذاكرة اللحظية أو الذاكرة المؤقتة".
مثال: عندما نسمع رقم تليفون بشكل عابر أو رؤية شخص رؤية عابرة أو قراءة عابرة في كتاب أو صحيفة الخ.
ومن الجير بالذكر أنه توجد فترة بين التعرض للمؤثر واستدعاء الذاكرة يطلق على هذه الفترة "وقت التذكر" (Recall Time) وقد وجد أن هذه الفترة ليست ثابتة حيث تختلف وفقا لصعوبة وسهولة موضوع المراد تذكره. وقد وجد أن أقصر مدة للتذكر هي نصف ثانية، وقد تطول إلى ما لا نهاية عندما يطبق النسيان على الذاكرة.
تختلف كذلك سرعة التذكر وذلك باختلاف الفترة التي تمضي على الاستذكار، مثلا سرعة التذكر بعد التعلم بماشرة تكون 1.5 ثانية، ولكن هذه الفترة تطول إلى 2.4 ثانية بعد يوم من التعلم، وإلى 3 ثوان بعد أسبوع من التعلم.
وإذا قارنا بين الاستذكار المتقنة، التي مر عليها فترة طويلة، وبين الاستذكار قريبة العهد، فسيلاحظ أن نسبة الاجابة الصحيحة للاستذكار القديمة المتقنة، أعلى منها في الحالة الثانية، في حين يكون وقت التذكر في حالة الاستذكار قريبة العهد، أقل منها في حالة الاستذكار القديمة.
الذكارة طويلة المدى:
هي الذاكرة التي تقوم بتخزين المعلومات لفترة زمنية طويلة مثل المعلومات التي تعرفها عن الأهل والأصدقاء أو المعلومات التي درستها في المدرسة أو الجامعة فهذه المعلومات وما شابهها تستقر في الذاكرة فترات طويلة لأسباب كثيرة ستأتي الإشارة إليها فيما بعد.
وهنا سؤال: هل يمكن أن تدخل المعلومات المخزنة في الذاكرة قصيةر المدى إلى الذاكرة طويلة المدى؟ وكيف ذلك؟.
الجواب: نعم يمكن أن تتحول المعلومات من مجرد معلومات مؤقتة إلى معلومة دائمة ولكن لابد أن ستصحب ذلك ما يسمى استفزاف الذاكرة.
وعوامل استفزاز الذاكرة كثيرة فمنها ما يعود إلى أهمية الشئ المراد تذكرة ككونه ثمينا أو غريبا ومنها ما يعود إلى العوامل المصاحبة لهذا الشئ والتي جعلت منه معلومة مستفزة للذاكرة.
--------------------
موضوعات مشابهة
--------------------
موضوعات مشابهة
ليست هناك تعليقات:
Write comments